<p>أعاد استهداف جبهة البوليساريو منطقة المحبس، السبت الماضي، بمقذوفات متفجرة تزامناً مع احتفالات الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، والتي تبنّتها الجبهة رسمياً من خلال بيان صادر عما يسمى “وزارة الدفاع الصحراوية”، النقاش حول إمكانية توجه المغرب نحو تأمين المنطقة العازلة، دفاعاً عن أمنه ومواطنيه، ومواجهة لهذه التهديدات الإرهابية الجبانة.</p>
<p>واعتبر بلال لمراوي، الباحث في العلوم السياسية والقانون العام، في حديثه لـ”أخبارنا” أن الجدار الأمني هو “جدار دفاعي أعده المغرب منذ الثمانينات من أجل رصد كل التهديدات التي تحيط به من العالم الآخر. بل إن الجدار الأمني يقوم بتبطيء الإيقاع الحربي للعدو، فهو معد بمنهجية تجمع بين المراقبة والرصد والتدخل الآني لمعالجة المخاطر. هنا سيتبادر السؤال للبعض حول لماذا لم يتم تمديد الجدار الأمني ليكون على حدود المملكة؟”.</p>
<p>يجيب لمراوي عن هذا التساؤل بأن “العبقرية المغربية تكمن في أنها لا تريد أن يكون للصراع العسكري مع البوليساريو أبعاد أخرى، وألا ينجر المغرب إلى نزاع مسلح مع الدول المجاورة، خصوصاً مع من تريد هذا النزاع المسلح لخدمة أجندات الطغمة العسكرية”.</p>
<p>إن الجدار الأمني والمنطقة العازلة، في تقدير المتحدث نفسه، “هما صمام أمان ضد نظام فاشل يحاول جر المنطقة إلى حرب شاملة، والدليل أحداث المحبس التي جاءت بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي أقر بأن الجارة الشرقية تريد جر المنطقة إلى الحرب. والمغرب يعلم أن أحداث المحبس انطلقت من الجزائر، بل تحت إشراف العسكر الجزائري بواسطة أداته الرخيصة المعروفة بـ’الجبهة الانفصالية’. هنا برز دور المنطقة العازلة التي أعطت للمغرب التدخل الحاسم دون تحقيق أهداف الجنرالات المتحكمة في مصير الجزائر”.</p>
<p>ويؤكد الباحث في هذا الصدد “أن المنطقة العازلة وسيلة أمنية وجيوسياسية لها مفعول سحري على ديمومة الاستقرار الأمني. فأمنياً، أضحى للمغرب جدار يحصن صحراءه من المرتزقة، وجيوسياسياً صار أداة في يد المغرب لجعل كل تدخلاته العسكرية الدقيقة بعيدة عن الانجرار للأفخاخ التي يريد نصبها له مجموعة من الجنرالات الذين فضلوا التسلح والمناورة على التنمية والازدهار للشعب الجزائري”.</p>
<p>واستطرد لمراوي بأن “المغرب يعرف جيداً أن هذه المرحلة الرخوة والانتقالية، أي مرحلة ما بين خروج بايدن ودخول ترامب، والانتكاسات المتتالية للنظام الجزائري اتجاه القضية الوطنية التي افتعلها، ستشعل فيه هرمون السعار والغباء المزمن، وستغذي فيه الرغبة في محاولة تغيير الواقع في ظرف زمني سريع وله أثر مادي على الميدان. تخيلوا أمام هذه الرغبة الجزائرية الجامحة في تعطيل المغرب وتفريغ سمومها، وأمام هذا الواقع، لم يكن للمغرب جدار أمني ومنطقة عازلة؟ ببساطة، الجواب هو أننا سننجر إلى الحرب التي نحن قادرون عليها، لكن لا نريدها بشكل سهل وساذج، وسنحقق أهداف الجزائر المختطفة من العسكر”.</p>