بغداد – واع – آية منصور
فكرت، لم تكن هنالك فتاة تتحدث عن السيارات، او تعرف ما الذي يجب ان تعمله اثناء تعطل المكابح مثلا، ولم احظ بجواب من اي صديقة اعرفها، بالطبع، فإن اهتمامات الكثير من النساء تكاد تكون قليلة بالسيارات، وهي ليست سوى وسيلة نقل بالنسبة لهن، لكنه تحول فيما بعد، الى شغف وطموح كبير لقلبي.
لم تختر بسمة حرج، ان تصبح صانعة محتوى تدير صفحة يتابعها اليوم أكثر من 179 ألف متابع، الا قبل سنة ونصف، تقول انها ترددت في البدء كثيرا بسبب فكرة تم عرضها عليها، من سيصدق معلومة عن سيارات قادمة من انثى؟ من سيحب ان يأخذ معلومته حول المقود، المكابح، العجلات، وغيرها من التفاصيل من سيدة، لا أحد قد يصدقني، تقول بسمة انها لم تكن تعلم بالكثير من المعلومات التي توفرها اليوم حول عالم السيارات في صفحتها، لكنها وافقت بعد ان تلقت عرضا يجمع بين شغفها بالسيارات والمعلومات التي تحاول البحث عنها.
وقالت بسمة لوكالة الانباء العراقية (واع): “في البدء كنت اشعر انها مغامرة قد تكون قليلا خطرة، ان تتحدث فتاة عن السيارات لكن صاحب الاستوديو الذي بدأت تصوير حلقاتي التعليمية معه، دعمني بشدة، وخصصت أكثر من 12 ساعة يوميا، لمشاهدة الوثائقيات الخاصة بهذا العالم، وبدأت بتصوير فيديوهات للحديث عن كل ما يتعلق بالسيارات وانواعها، وطريقة التعامل معها في العراق، بنكهة ولهجة عراقية تدخل القلب سريعا”.
السيارة ليست وسيلة نقل فقط
وتابعت بسمة بحديثها لوكالة الانباء العراقية (واع)، انها “كانت من عشاق السيارات، لكن لمظهرها فقط، وليس لمكائنها ومعرفة جماليتها، “للسيارة عقل يشبه العقل البشري، ذكي ورائع إذا ما أحسنا التعامل معه”، السيارة لم تعد بالنسبة لي مجرد وسيلة اتجه بها الى عملي، كانت كذلك، لكن كلما عطلت سيارتي أقف في منتصف الطريق كابحة دموعي بانتظار المنقذ”.
وأكملت بسمة لوكالة الانباء العراقية (واع): “أعرف جيدا، ما تعانيه سيارتي وما تحتاجه، من خلال اطلاعي المفصل على الفيديوهات، والتي تعني مجمل انواع ومناشئ السيارات وليس حتى كيفية غسل السيارة”.
وكشفت بسمة التفاصيل التي تحتاجها او قد تضرها، وأنها بنفسها استفادت للغاية من المحتوى الذي تقوم بتقديمه، لكن لم يكن الأمر سهلا ابدا، ان تدخل فتاة في عالم رجالي بحت، للتصريح والحديث، كأن يكون تجاوزا على ممتلكاتهم”.
وأضافت، أن “الكثير من الاشخاص حاولوا في البدء وضع التعليقات المستهجنة لحديث فتاة او وقوفوها قرب السيارات، يسألوني بسخرية عن نصائح للرز المحترق او طريقة وضع المكياج، وعن شعوري إذا ما رأيتهم وهم يتحدثون عن هذه التفاصيل، لم افهم الربط، وما علاقة المكياج او الطبخ بممارسة شيء احبه”.
ليس عالما سهلا
ونوهت بسمة، انها “كانت تحاول وقبل بدأها تصوير اي فيديو، التأكد من صحة معلوماتها لأنها معقدة للغاية وقد تختلف من سيارة لأخرى، فالتجأ غالبا لرؤية الحالات بنفسها وأحيانا حتى تجربها على سيارتها الشخصية، على سبيل المثال، ماذا سيحصل للسيارة لو وضعت لها بنزينا مغشوشا، بعدها سأحاول الوصول لمحركات سيارات تعرضن في الحقيقة لهذا النوع من البنزين، وتعرف فيما بعد كم من الضغط او الحرارة تلقتها السيارة بسبب هذا الفعل، ثم ستحرر بإشراف مختصين مادتها لصنعها على شكل فيديو لا يتعدى الدقيقة الواحدة بمعلومات كثيرة”.
ولفتت الى انه “تتواصل معي الكثير من النساء اللواتي يتابعن صفحتي بشكل مستمر، وتعلمن أمور كثيرة تخص تعاملهن مع سياراتهن وحتى في الشارع، خاصة واني احاول دائما التركيز على تفاصيل قد لا يعلمها حتى الرجال”.
حتى المعلومات المرورية في العراق
تحاول بسمة وبشكل مستمر، منح متابعيها، حتى المعلومات التي تخص معاملاتهم الحكومية في دوائر المرور وأبرز التحديثات التي تطلقها مديرية المرور العامة وكيفية الحصول على معلومات السيارات، الغرامات، الرقم القرارات الجديدة، وغيرها من التفاصيل، توضح انها تضع متابعيها على تماس مباشر مع آخر القوانين والاوامر الصادرة من قبل الجهات العليا، لأن الكثير من المواطنين بحاجة للمعلومة، منوهة الى انه “ابحث وبشكل شخصي ومستمر في موقع المرور العامة عن كل المعلومات التي يحتاجها المواطن وقد لا يعلم بها، على شكل مقاطع فيديو، اي انني لا اتحدث عن شكل السيارة وقلبها وعقلها فقط، بل عن هذا الواقع كله في العراق”.
ورغم معلوماتها الدقيقة التي تطرحها حسب قولها، إلا ان “البعض القلة يحاول ان يستخرج الاخطاء في معلومات بسمة، فقط لإثبات ان النساء غير قادرات على إعطاء نصيحة في هذا المجال، لكن ما يسعدها، هو تعاون الجهات المختصة من ضباط وضابطات ومراجعتهم لمعلوماتها ودعمهم لها”.
تمكنت اليوم بسمة من وضع اسم ثقيل لها حتى مع شركات السيارات في العراق، لثقتهم الكبيرة بمعلوماتها، وبدأت فعليا كما تقول لوكالة الانباء العراقية (واع) بالوصول الى جمهور محب ومتفهم لفكرة حديث المرأة عن السيارات.
أهمية ما تفعله
وبينت المقدم في علاقات واعلام مدير المرور، سجى العبايجي، بحديثها لوكالة الانباء العراقية (واع) ان “بسمة احدثت فرقا كبيرا بتعامل البعض ونظرتهم نحو فكرة النساء حول السيارات، ولديها القدرة على تبسيط المعلومات وشرحها بأبسط الطرق وباللهجة العامية وبطريقة حلوة ومضحكة احيانا تجذب المتلقي وتوصل المعلومة بكل سهولة”.
واردفت العبايجي، إن “المرأة والرجل بحاجة لإرشادات توعية مرورية، بسمة تفعل ذلك بشكل تطوعي وهي حتى في الوقت نفسه، غير منتسبة لدائرة المرور بل خريجة فنون جميلة، لكنها تساعدنا وبشكل غير مباشر من خلال فيديوهاتها، اذ نعلم ان هذه المعلومات قليلة ونادرة في السوشال ميديا”.
وبينت المقدم سجى، ان “النساء يحتجن لدعم من سيدة كذلك، لخوف بعضهن من الشارع، بسبب النظرة السائدة حول عدم قدرة المرأة على القيادة مقارنة بالرجل، لكن وجود بسمة ونساء مثلها، يساعد على ايضاح فكرة ان الاناث هن أكثر التزاما بالقانون والاشارات المرورية وحتى ارتداء حزام الأمان، وتوفر احيانا بسمة النصائح للنساء حول قيادتهن وتشجيعهن على ازالة الخوف والنظرة العامة عنهن.
من الانتقاد لطلب المساعدة
وأوضحت العبايجي، أن “بسمة تبحث دائما عن مواضيع جديدة ومميزة ومفيدة، وسأكون سعيدة بمساعدتها دائما ان احتاجت اي شيء، لكنها بشكل عام تقدم شيئا جديدا في المجتمع العراقي، تابعتها من البداية، وتعرضت لكثير من الانتقادات والتعليقات السلبية، لكنها استمرت، وكل مرة نراها وهي تقدم شيء أفضل ومبتكر، واليوم ارى ان جمهورها واسع والكثير من الرجال يسألونها ويأخذون المعلومة منها”.